أزاح أمير المؤمنين عن جسده رداء الليل , وراح يشق الظلام الحالك , وإذا به يسمع أنين إمرأة ينبعث من بيت من شعر لم يكن بالأمس .
دنا عمر رضى الله عنه فرأى رجلا يجلس القرفصاء أمام الباب فسلم عليه , ثم قال : من الرجل ؟
قال : رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله .
قال عمر رضى الله عنه : ماهذا الصوت الذى أسمعه فى البيت ؟
فقال الرجل : انطلق يرحمك الله لحاجتك .
قال عمر رضى الله عنه : على ذلك ... ماهذا الصوت ؟
فقال الرجل : امرأة تلد .
قال عمر رضى الله عنه : عندها أحد ؟
فقال الرجل : لا .
فنهض عمر رضى الله عنه مسرعا حتى أتى منزله , فقال لزوجته أم كلثوم بنت على رضى الله عنهما : هل لك فى أجر ساقه الله إليك ؟
قالت : ماهو ؟
قال : إمرأة غريبة تلد ليس عندها أحد .
قالت : نعم إن شئت .
قال : فخذى معك مايصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن وجيئينى بقدر شحم ودقيق , فجاءت به , وحمل عمر رضى الله عنه ذلك كله وقال لإمرأته : انطلقى ... فمشت خلفه حتى بلغا بيت الشعر .
فقال لها : ادخلى إلى المرأة .
وجاء حتى قعد إلى الرجل , وأشعل النار تحت القدر , وأخذ ينفخ والدخان يتخلل لحيته حتى أنضجها , وولدت المرأة , وصدح صوت الطفل .
فقالت أم كلثوم : ياأمير المؤمنين ... بشر صاحبك بغلام .
فلما سمع الأعرابى كلمة أمير المؤمنين , فشهق بشدة , وتنحى هيبة لعمر رضى الله عنه .
فقال له عمر رضى الله عنه : مكانك كما كنت .
وحمل القدر , ووضعها عند الباب , ثم قال : أشبعيها , ففعلت ثم أخرجت القدر فوضعتها على الباب , فقام عمر رضى الله عنه فأخذها فوضعها بين يدى الرجل وقال كل ... كل ... فإنك قد سهرت من الليل .
ثم قال عمر رضى الله عنه لأمرأته : اخرجى .
وقال للرجل : إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك , ففعل الرجل , فأجازه وأعطاه .
************************************************** ****************